مشاكل التربة الزراعية
د. عمر عبد الرزاق
تعتبر التربة من أهم الموارد الطبيعية وإحدى أهم وسائل الإنتاج الزراعي التي سمحت عبر التاريخ بولادة الحضارات الإنسانية المعروفة والتربة ثروة قومية محدودة المساحة ومتجددة العطاء لا تنضب إذا أحسن استخدامها والعناية بها لذا فإن حماية التربة والمحافظة على خصوبتها أمر يتطلب فهم مبادىء وأساسيات استثمارها وصيانتها .
وقد بدأت مشاكل التربة بالظهور مع بداية الحضارة الزراعية للإنسان حيث ترافقت تلك الحضارة بنشاطات سلبية للإنسان مثل قطع الغابات - الرعي الجائر - حراثة الأراضي الهامشية ... مما أدى إلى تدهور وانجراف الأراضي الزراعية بالرياح والأمطار والسيول الجارفة .
وفي الوقت الراهن ومع تزايد الطلب على المواد الغذائية وبصورة خاصة على المنتجات الزراعية على اختلاف مصادرها سواء كانت نباتية أو حيوانية كل ذلك أدى إلى تفاقم الخلل في التوازن الطبيعي للتربة الزراعية مما ساعد كثيراً على تنشيط عمليات التعرية والتصحر .
تدهور التربة الزراعية : المقصود بتدهور التربة هو أي تغير في صفاتها المورفولوجية أو خواصها الفيزيائية أو الكيميائية أو الحيوية والذي يؤدي إلى انخفاض حاد في قدرتها الإنتاجية بالتالي خروجها عن نطاق الاستثمار الزراعي .
ويحصل تدهور التربة نتيجة تأثير عوامل كثيرة إما أن تكون عوامل طبيعية مثل الظروف المناخية ( الرياح - الأمطار - الثلوج - الجفاف ) أو عوامل بشرية ناتجة عن سوء استغلال وإدارة الأراضي الزراعية من قبل الإنسان والتي تتمثل بالاستثمار الجائر للأرض ومواردها .
أشكال تدهور التربة : سنعرض بإيجاز أهم أشكال تدهور التربة وهي : 1- التدهور الميكانيكي ( الانجراف ) : يقصد بالإنجراف تحطم وإزالة حبيبات التربة وانتقالها من مكانها إمابفعل الرياح أو الأمطار والسيول الجارفة وهنا ويجب التفريق بين مفهوم الانجراف الجيولوجي : وهو عملية طبيعية بطيئة جداً وتعتبر من عوامل تكوين التربة وبين مفهوم الانجراف المتسارع : وهو الإنجراف عن سوء الاستثمار للأرض من قبل الإنسان والذي يؤدي إلى تدهور وإنجراف سريع للأرض الزراعية وللإنجراف المتسارع شكلان أساسيان هما :
أ - الانجراف الريحي : عبارة عن عملية فيزيائية تجري بفعل الرياح وتؤثر على التربة حيث تعمل على نزع وانتقال ذرات التربة المفككة بالتيارات الهوائية وتؤدي هذه العملية إلى تخريب التربة الزراعية وخفض قدرتها الإنتاجية وتعتبر التعرية الريحية من سمات المناطق الجافة وتنشط حيث توجد الزراعات البعلية .
ب - الإنجراف المائي : عبارة عن الفعل التخريبي لقطرات المطر ومياه السيول والذي يؤدي إلى تخريب وتحطيم الطبقة السطحية للتربة وأحياناً انجرافها بالكامل .
2- التدهور الكيميائي للتربة : هو عبارة عن اختلال التوازنات الكيميائية داخل التربة مما يؤدي إلى تردي خواصها الخصوبية وتدني إنتاجيتها بالتالي خروجها عن نطاق الاستثمار الزراعي ويشمل التدهور الكيميائي للأراضي الاشكال التالية : التملح - القلوية ( الصودية ) التحول للحامضية - السمية .
التلوث : يصنف التلوث بأنه أحد أشكال التدهور الكيميائي للتربة وسنفرد لبحث التلوث عنواناً خاصاً في المستقبل إن شاء الله .
ويشمل التلوث الأشكال التالية : التلوث بالمبيدات الزراعية - التلوث بالأسمدة المعدنية - التلوث بالعناصر الثقيلة - التلوث بالعناصر المشعة .
3- التدهور الفيزيائي للتربة :
يحدث هذا التدهور نتيجة سوء تنفيذ عمليات الخدمة الزراعية إما من حيث الوقت غير الملائم أو سوء اختيار آلة الفلاحة ويتمثل التدهور الفيزيائي بأشكال مختلفة مثل : تكون الطبقات الصماء - تكون قشرة سطحية صلبة - انخفاض المسامية - نقص التهوية - تهدم البناء الأرضي ويؤدي التدهور الفيزيائي للتربة إلى انخفاض كفاءة التخزين المائي وضعف قدرة التربة على التوصيل المائي وضعف التهوية مما ينعكس سلباً على قدرتها الإنتاجية .
4- التدهور الحيوي للتربة : ينتج عن مجموعة من العمليات التي تزيد من معدنة الربال مما يؤدي إلى تلاشي المادة العضوية من التربة مما يسرع في تدهورها فيزيائياً وكيميائياً ويتأثر التدهور الحيوي للتربة بعامل المناخ وقوام التربة ونوع الاستثمار الزراعي وطبيعة المادة الربالية ( نسبة N/C ) .
طرق العلاج : نظراً لإختلاف طرق العلاج بحسب نوع التدهور سنحاول في مقالات لاحقة التطرق لكل نوع من أنواع التدهور مع طرق علاجه .
د. عمر عبد الرزاق
أستاذ مساعد صيانة التربة في كلية الزراعة الثانية /جامعة حلب
رئيس جمعية متطوعين من أجل البيئة بديرالزور ( حياة )